بن شيخة: “لو كان اسمي جاك أو بول لقالوا ماعليش لم يكن لديـه الوقت، لكنني عبد الحق وليد الحومة لذا ينتقدونني“
بتأثر شديد أجاب المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة على أسئلتنا ونحن نستعد لمغادرة مطار “بانڤي“ في ساعة متأخرة من صبيحة أمس. المدرب ظهرت عليه علامات التأثر واضحة.
خاصة وهو يردد عبارة: “ما عنديش الزهر كل شيء كان ضدي في هذه المباراة”. بن شيخة في حديثه إلينا أجاب عن العديد من الأمور التي تخص مواجهة إفريقيا الوسطى والهزيمة غير المتوقعة أمام منتخب كان يبدو متواضعا.
“لا أريد التعليـق على تصريحات قاسي السعيد، لكن أقول إنني عايشت اللاعبين ولا أعتقد أنهم تعمّدوا الخسارة“
“تأثرت كثيـرا لوقفة اللاعبين معي وتنقلهم إلى غرفتي ليقولوا لي إنهم عملوا كل ما في وسعهم دون جدوى“
في البداية، وبعد ساعات من هذه الهزيمة المرّة، كيف يمكن أن تفسر لنا ما حدث؟
رغم أنني لم أسترجع بعد قواي من هذه الصدمة، إلا أنني أقول إننا لم نكن في المستوى ونحن جميعا نتحمّل المسؤولية. ليس من عاداتي أن أبرّر الهزائم لكنني قمت وكذا اللاعبين بكل ما في وسعنا لنحقق نتيجة إيجابية وكنا متحمسين لذلك لكننا فشلنا فوق أرضية الميدان، رغم المجهودات التي بذلناها لكننا وجدنا أنفسنا أمام منافس نجح في كل ما قام به وعرف كيف يتفوّق علينا في الصراعات الثنائية وكذا في كيفية الاحتفاظ بالكرة ليتمكن من الفوز علينا وبصراحة فوق أرضية الميدان كانوا أحسن منا.
ما الذي حدث حتى لا تحققون ما جئتم من أجله؟
(يتردد)... أنا لا أحب أن يقال إنني بصدد تبرير الهزيمة لكننا وجدنا أنفسنا منذ انطلاق التربص في الجزائر كل شيء ضدنا بداية من الإصابات التي جعلتني أجد نفسي دون 6 لاعبين أساسيين ودون احتساب الذين لم يكونوا في القائمة بسبب الإصابة أيضا، وأعتقد أن أي منتخب يجد نفسه دون ستة لاعبين أساسيين بالتأكيد أنه يتأثر لكننا لم نشتك واستدعينا لاعبين آخرين في آخر لحظة على غرار حاج عيسى الذي وجد نفسه معنا بعد أن كان يستعد ليلعب مباراة مع المنتخب المحلي، ثم بعد كل هذا تنقلنا إلى هنا لنفرح بوصولنا إلى “بانڤي“ بطقس معتدل ولكن يوم المباراة كانت الحرارة لا تطاق ودرجة الرطوبة وصلت 85 من المائة أثناء اللقاء وشاهدت ذلك في ساعتي أثناء المباراة، أضف إلى ذلك أنه في الشوط الثاني الفريق بدأ يسترجع توازنه لنتفاجأ بالعاصفة والأمطار التي هي الأخرى لم تكن في صالحنا لأن الرياح كانت في الاتجاه الذي يساعد المنافس هذا دون الحديث عن ما كان يجري خارج الميدان من حركات وتواجد آلاف المتفرجين في محيط الميدان، لكنني مع كل هذا أقول إن الفريق لم يجد نفسه واللاعبون رغم إرادتهم والعمل الذي قمنا به طيلة الأسبوع لم يجدوا أنفسهم في المباراة وشعروا بالاختناق من شدة الحرارة والرطوبة العالية.
لكن هذه الظروف كان الجميع يعلمها وأكدتم أنها لن تؤثر في الفريق.
بالفعل كنا نتوقع هذه الظروف وحضرنا أنفسنا لها، لكن اللاعبين لم نكن نعرف ردّ فعلهم في مثل هذه الظروف لأنه لا بد أن لا ننسى أننا لعبنا بعناصر كثيرة لم يسبق لها أن لعبت في مثل هذه الظروف وهذا ليس سهلا ولم تكن لدي خيارات كثيرة في ظل الغيابات التي أثرت بالتأكيد في المجموعة، فأظن أن زياني، مطمور، بودبوز، ڤديورة، حليش، قادير وحتى مغني لو حضروا لكانت الكثير من الأمور تغيّرت وهذا لا يعني أنني لا أثق في البقية بل المشكل في الظروف التي لعبت فيها المباراة.
حتى العناصر التي تحدثت عنها كانت ستجد نفسها في هذه الوضعية الصعبة وقد تفشل هي كذلك؟
ربما، لكنني عندما أتحدث عن العناصر الأساسية فهذه العناصر تملك تجربة أكثر، كم من مرة لعب زياني، مطمور وحليش مثلا في إفريقيا؟ وقارنّا هؤلاء بالذين شاركوا لأول مرة في إفريقيا، أعطيك مثالا على لحسن، مجاني، مصباح وحتى يبدة لا أظن أنهم سبق لهم اللعب في ظروف مثل هذه ولذا عندما تلعب في حرارة ورطوبة مرتفعتين وتصاب باختناق لا تجد نفسك مهما كانت الإمكانات التي تتمتع بها، لكنني أعيد وأكرر أن المنافس كان في المستوى ولم يسرق الفوز.
إذا عدنا إلى الجانب التكتيكي الذي اعتمدته في هذه المواجهة، ما الذي لـم ينجح حسب رأيك في الخطة التي انتهجتها؟
لقد حاولنا أن نلعب بأربعة مدافعين في الخط الخلفي ووضع كل من لحسن ويبدة في الإسترجاع إلى جانبهما في الأمام عبدون في صناعة اللعب ومعه على الرواقين مصباح وغزال لنضع جبور في الهجوم، لكن مشكلتنا كانت في الفراغ الذي كان في الوسط لأن حسان يبدة لم يتمكن من العودة في كل مرة لاسترجاع الكرات وتفوّق علينا المنافس في الصراعات الثنائية وهو ما جعلني أعوض يبدة الذي لم يتمكن من متابعة الوتيرة بسبب التعب الذي نال منه وأدخلت لموشية ليخلق نوع من التوازن في خط الوسط.
وما الذي جعل يبدة يظهر بمستوى متواضع في هذه المباراة؟
أي لاعب يدخل الميدان يريد أن يقدم مباراة جيدة، لكن في بعض الأحيان هناك فرق شاسع بين ما تريد أن تفعله وما تستطيع أن تفعله. فرغم الإرادة التي كانت لدى اللاعبين، إلا أنهم لم يكونوا يستطيعون أن يتحركوا بصفة طبيعية وكانوا يشعرون بالثقل فوق أرضية الميدان إلى درجة أنني كنت ألاحظ يبدة يلهث من شدة التعب، ولكنني كما قلت الرطوبة العالية والحرارة المرتفعة خاصة في المرحلة الأولى أنهكت الجميع.
الكثير كان ينتظر إحداث تغيير في المرحلة الثانية، خاصة أن جابو كان يسخن عضلاته وكان منتظر دخوله؟
حتى أكون صريحا، بعد نهاية المرحلة الأولى تحدثت مع اللاعبين عن تصحيح بعض الأخطاء ولم أقرّر من سيدخل حتى أرى ما سيقدمه الفريق بعد ذلك، لكن بمرور الوقت فكرت في إدخال جابو وطلبت منه أن يسخن عضلاته لكن إصابة بلحاج الذي جعلته يخرج مضطرا أخلطت الحسابات وجعلتني أغيّر أمورا كثيرة من الناحية التكتيكية بإعادة مصباح إلى الدفاع، وكما قلت منذ قليل لا شيء كان معنا في هذه المواجهة وحتى لما تهاطلت الأمطار بغزارة الرياح كانت ضدنا “ماشي كاتبة وخلاص”.
لكننا لاحظنا في آخر حصة تدريبية في “بانڤي“ أن المجموعة كانت متحمسة والأجواء رائعة، إلى درجة أن لا أحد كان يتوقع هذا السيناريو؟
نعم، لقد عشت مع هذه المجموعة منذ انطلاق التربص وشعرت فعلا أنهم يتمتعون بإرادة فولاذية لنسيان ما حدث في السابق وكان اللاعبون يريدون بأي ثمن تحقيق الفوز، لكن في كرة القدم الحقيقة تكون يوم المباراة وكما قلت وجدنا صعوبات أمام منافس عرف كيف يستغل الظروف التي خانتنا ليحقق فوزا تاريخيا علينا.
منتخب مثل إفريقيا الوسطى يفوز علينا، ألا تعتبر الأمر غير عادي؟
نعم، لا يمكنك أن تشعر بالحسرة التي أنا فيها الآن... كنا نتمنى أن نهدي فوز للجزائر بعد سلسلة النتائج السلبية لكن أقول إنني لست ساحرا حتى أغيّر كل شيء في 4 أيام، فمهما كان المدرب الذي يشرف على الفريق لا يمكنه أن يفعل شيئا في مثل هذه الظروف في وقت ضيق وفي غياب عدد هائل من اللاعبين الأساسيين، وأنا لا أتهرب من المسؤولية لكن أي مدرب مكاني لا يستطيع فعل أي شيء في هذه المدة القصيرة.
هل ترى أنك أصبحت مهددا في منصبك؟
أنا ليس لدي أي مشكل من هذه الناحية لأن ضميري مرتاح، لكنني أقول إنه لو تعلق الأمر بمدرب أجنبي اسمه “بول“ أو “جاك” لقال الجميع إن الوقت لم يكن كافيا ليضع بصمته على هذا الفريق ويجب أن نمنحه الوقت الكافي ليعرف المجموعة وتعود العناصر المصابة و.. و.. و... إلخ من التبريرات التي هي منطقية، لكن لأن الأمر يتعلق بالعبد الضعيف عبد الحق بن شيخة “وليد الحومة“ فيجب أن نلومه وننتقده ونحمّله المسؤولية وأنا من هذه الناحية ليس لدي أي مشكل وأتقبّل كل الانتقادات لكن يجب أن يتحدث الجميع عن الظروف التي وجدت فيها هذا الفريق وكذا كيف حضرت هذه المباراة وحينها يمكن الحكم عليّ.
كنت متأثرا للغاية بعد المباراة وبقيت وحيدا في غرفتك إلى غاية إلتحاق اللاعبين بك لمواساتك، ماذا قالوا لك؟
بصراحة لم أتقبّل هذه الهزيمة تماما ورفضي النزول لتناول وجبة العشاء كان بسبب أنني كنت متضايقا جدا وتأثرت كثيرا لما قام به اللاعبون عندما التحقوا بي في غرفتي وتحدثوا معي عن تضامنهم معي ووقوفهم إلى جانبي، مؤكدين لي أنهم كانوا يريدون أن يفرحوني ويفرحون الشعب الجزائري إلى درجة أنهم لم يصدقوا ما حصل، لكنني طمأنتهم في هذا الشأن وقلت لهم إن التأهل لم يضع بعد وعليهم العمل ورفع التحدي
وكيف ترى الآن باقي المشوار خاصة بعد فوز المنتخب المغربي؟
“شوف” في الوقت الراهن منتخب إفريقيا الوسطى هو الذي يحتل المرتبة الأولى وما زالت 12 نقطة كاملة في باقي المشوار، لذا علينا أن لا نعتبر أنفسنا مقصيين من الآن بل نملك كل الحظوظ ويجب أن لا نستسلم لأن الجزائري لا يستسلم بطبعه، ثم إن أمورا كثيرة ستتغيّر من هنا إلى شهر مارس القادم فالفريق سيشهد عودة المصابين والمنافسة على المناصب ستشتد لذا أعتقد أن التحضير للجولة القادمة سيكون أكثر جدية لأننا نملك الوقت الكافي لذلك، كما لا نملك الحق في التعثر بعد هذه الهزيمة.
هل هذا معناه أن هناك تغييرات مرتقبة؟
نعم أكيد، سندرس ما هي الأمور التي كانت إيجابية وتلك السلبية وأظن أن التغييرات ستكون بعد 6 أشهر لأن المنافسة كما قلت ستشتد والذي لا يملك مكانه لن يكون معنا.
عبد الحق بصراحة هل وجدت مردود نذير بلحاج في المباراة مقنعا؟
أظن أن الهزيمة أمام إفريقيا الوسطى لا يتحمّلها لاعب أو اثنين بل كل المجموعة، بلحاج لم يكن في يومه في هذه المواجهة لكننا انهزمنا جميعا وليس بلحاج وحده وأظن أننا نملك الآن الوقت الكافي لدراسة الأمور جيدا وسنرى.
المباراة المقبلة ستلعب في شهر مارس أمام المغرب، ألا تعتقد أن التأهل سيلعب في مواجهة المغرب ذهابا وإيابا؟
نعم، هذه حقيقة... الآن إذا أردنا تحقيق التأهل يجب الفوز في اللقاء القادم أمام المغرب فوق أرضنا ثم العودة بنتيجة إيجابية من هذا البلد في مباراة العودة، فلقاء المغرب أصبح مصيريا الآن.
وهل أنت متفائل رغم الهزيمة أمام ما كان يسمى بأضعف منتخبات المجموعة؟
لا يوجد منتخب ضعيف الآن والنتائج المسجلة تثبت ذلك، بدليل أن المنتخب المصري انهزم في النيجر ونحن خسرنا مع إفريقيا الوسطى. أعتقد أنه يجب علينا أن نعمل وليس انتظار أن نواجه منتخبات متواضعة لنفوز عليها.
تعوّدت على الانطلاقات السلبية في مشوارك التدريبي لتعود بقوة بعد ذلك مثلما حدث مع النادي الإفريقي في تونس، هل تعوّل على ذلك مع المنتخب الجزائري؟
إن شاء الله، ولو أنني لم أكن أبدا أريد أن نسجل نتيجة سلبية في هذه المواجهة لكنني إنسان لا يحب الفشل وسأعمل إن شاء الله على تدارك الموقف في المستقبل.
ما تعليقك على تصريحات كمال قاسي السعيد على قناة الجزيرة الذي اتهم ضمنيا اللاعبين بأنهم تعمّدوا الخسارة للتخلّص من عبد الحق بن شيخة؟
(يتفاجأ)... الله أكبر هل صحيح قال هذا الكلام؟ بصراحة لا أريد التعليق على هذا الأمر وأعتقد أن قاسي السعيد ربما من شدة غضبه على نتيجة المباراة وحبه للجزائر صرح بهذا الكلام، لكنني أؤكد أن هذه العناصر أعرفها جيدا الآن رغم أنني عشت معها أياما قليلة والجميع كان يتحلى بالإرادة اللازمة لنعود من إفريقيا الوسطى بنتيجة إيجابية، لكن الله غالب فشلنا في مسعانا ويجب أن لا نبحث عن التبريرات.