[quote]لمن اراد دخول الحياه
الحياة معرفة الواجب والقيام به، وما عداهما غثاء، الحياة في سبيل الله بناء وفتح وانتصار، والحياة سوف تكون أكثر جمالا بلا أشرار ولا فاشلين، لكن كتب على الدنيا النقص والفناء، سهل على الإنسان أن يعيش، لكن الصعب أن يعيش كما يحب، الحياة كتاب، من فهم نصوصه عاش سعيدا، لكن الأغبياء لا يقرأون أصلا، الحياة خليّة تستقبل الأحياء وتلفظ الأموات، الحياة صراع لا يفوز بخيراتها إلا الشجعان، أما الجبناء فحظهم الحرمان، الحياة فرصة واحدة لا تتكرر، إن حرصت عليها فزت وإن فاتت فمتْ أسفا، الحياة ليست ملكا لأحد إلا للواحد الأحد ولن يحجبك عن المجد أحد إذا أردت، فصمم وتقدّم ولا تحجم فتندم، لن يتصدق أحد عليك بالنجاح فالكل هلوع منوع جزوع، فاعتمد على نفسك وتوكل على الله، إذا رسبت في مدرسة الحياة فلن يقبلك أحد ولو نزلت الملائكة تشفع لك، وإذا نجحت في جامعة الحياة انحنى لك العظماء احتراما وتقديرا.
إذا كانت الحياة مائدة وكأسا وسريرا وحريرا فالبهائم أسعد بها، ولكن الحياة عقل يفكّر، ويد تعمّر، وقلم يحبّر، وثناء معطّر، وعلم مسطّر، في الحياة لوحة مكتوب فيها «خطر ممنوع الاقتراب» يقرؤها الجبناء والكسالى فيبتعدون، ولكن الشجعان والأذكياء يخلعون اللوحة ويقتحمون، الحياة ليست شهادات فخريّة ولا مجدا حصل بالوراثة، وإنما هي زخات من عرق التضحية، وقطرات من دم الفداء، وآهات من أنين الكادحين، إذا خضت بحر الحياة ورُميت بالطوب من الحساد فمعناه أنك وصلت بلاط المجد وأصبحت مدفعية الشرف والفخر تطلق إحدى وعشرين طلقة احتفاء بقدومك، في الحياة لو جلس أبوك على الجوزاء وأنت صفر لما أجلسك الناس إلا في المؤخرة، الحياة ترحب بالعجوز المناضلة وترفض الشاب الخامل، الحياة لا تقيس الناس بالأمتار، ولا تزن لحومهم بالأرطال، وإنما تُقَايسْ بين العقول وتفاضل بين الهمم، الحياة سوق كبيرة فيها عرض وطلب، بقدر ما تعطي تأخذ، في الحياة لن تشتري الذهب بالخشب، ولن تحصل على وجبة غداء م! جانا، الحياة سباق ولن يسبق الحمار الفرس أبدا.
إذا نظرت للحياة بروح جميلة صارت أمامك حدائق غناء من الخمائل والجداول والبلابل، وإذا نظرت لها بروح بائسة تمثلت لك أطلالا بالية من الصروح الخاوية والأجداث الزائلة، الحياة السعيدة ضمير حي، ورح طاهرة، وجسم سليم، ونفس قنوعة، والحياة التعيسة لهث وراء المادة، وفكر خواء من المعرفة، ونفس متدنسة بالآثام، وجسد مرتع للوباء، حرر نفسك من طاغوت المال وصنم الأنانية وشيطان الحسد، كن في الحياة نخلة طلعها هضيم، ولا تكن حنظلة ثمرها مر سقيم عقيم، فالنخل باسقات لها طلع نضيد، والحنظل خاويات لها ثمر سام يقطع الوريد، كن في الحياة كالنحلة تطوف على الزهور ترشف الرحيق ثم تضع عسلا مصفّى، ولا تكن ذبابا يقع على الأذى، ويحمل القذى، ويلوّث الجروح ويدنس الأجسام.